حكاية المعلم المتهم؟

م. احمد بن عفيف
يَا عَدْنُ.. يَا مَدِينَةَ النُّورِ وَالعِلمِ؛
هَلْ هَذَا جَزَاءُ مَنْ كَانَ للدَّرْبِ رَشَدا؟
أنا المُعَلِّمُ المُخَضْرَمُ.. أَهوّىٰ العُلُومَ!
أنا المِصباحُ الَّذِي يُنيّرُ طَرِيقَ العَالمِينَ
فَمَا بَالِي اليَوْمَ أَصْبَحْتُ.. هُـزَوَا؟
يَا زَمَناً قَالُوا فِيّه: صَارَ التَّعْلِيمُ دَجَلَا!
أَبْكِي عَلَى أَطْفَالٍ..لاَ يَحْمِلُونَ الحِقَائبَ؟
وَيَسّقَطُونَ.. كَأَوْرَاقِ الخَرِيفِ الصَفّرَاءِ!
حِيثُمَا صَارَ الوَهْمُ كِتَـابّـاً.. وَالكِتَابُ سِلّعَـةّ!
وَالطِّفْلُ يَقْرَأُ.. لَكِنْ لَا يَفْهَمُ الفَعّـلَ مِنْ الخَبَرِ!
ثَلاثُونَ عَاماً.. أَرْسَمُ فِي الصَّبَاحَاتِ؛
أَحْلامَ أَطْفَالٍ.. تَاهَتْ فِي الظُّلُمَاتِ!
أُقَسِّمُ العِلمَ فِي الفُصُولِ.. كَالخُبْزِ،
وَيَأْكُلُ الدَّهْرُ أَجْرَي.. فِي السَّاحَاتِ!
وصَارَ الأَجّـرُ.. فِي الشَّارِعِ للّنَـكَاتِ؟
يَأْتِي كَالطَّائِرِ المَذّبُوحِ.. فِي كَـفِّ المَحْسُودِ!
بِعْتُ الكُتُبَ.. وَبِعْتُ ذِكْرَيَاتِ حَيَاتِي؛
وَبَقِيَتْ حِكَايَةُ العَارِ.. تَلْفِظُ أَسْمَائِي!
أَوْلاَدِي اليَوْمَ.. يَبْكُونَ كَرَامَتِي وكِبّريَائِي!
وَكُلُّهُمْ يَحْمِلُ الحِقْبَةَ.. مِثْلَ جُرُوحِي!
ابْنِي البَكّرْ فِي الزّحَامِ:” سَمَكْ طَازَجْ” يُنَادِي!
وَالصَّغِيرُ.. يَبِيعُ الخُبْزَ فجرٱ فِي الطُرقَاتِي!
وَابْنَتِي.. التي تَحْلُمُ بِالبَيَاضِ المَلاَئِكِي؟
صَارَتْ خَادِمَةً لِوُجُوهٍ.. لاَ تُردْ السَلاَمِ!
حَكَايَتِي حِكَايَة مُعَلمٍ أنْهَكَتّهُ حَيَاةُ الفَسَادِ!
فَأَيْنَ المَسَاءَاتُ.. وَالضِّيَاءُ يَمُوجُ فِي العَيْنِ؟
أَيْنَ المَقَاصِفُ.. وَالحَنَايَا.. وَالأَنِينْ؟
صِرْتُ اليَوْمَ.. دَرْساً مَجَانِـيّاً لِلإِذَلَّالِ،
دَرْسٌ لَا يُنْسَى فِي كُتُبِ الزَّمَنِ القَاسِي!
يَا عَدْنُ لَوْ تَسْمَعِينَ.. لَوْ تَرَينَ الحِكَايَهْ!
لَوْ تَعْلَمِينَ.. أَنَّ المُعَلِّمَ صَارَ عَائشٌ فِي عُـشَةٍ!
ورَاتبُهُ نُصّفَه أتَـاوَاتْ لأَهَلِّ الصَفَوةِ!
والنُصفُ الأَخرُ لاَ يَكّفِي لأَكّلَـهْ؟!
أو إنَّكِ مِثْلَهُمْ.. نَسِيتِ المُعَلمَ وَجَهدَهْ؟
وَكُلُّ مَنْ يَبْكِي عَلَى المَجْدِ يُرْمَىٰ فِي المِزْبَلَهْ!
أَنَا الدَّرْسُ الَّذِي لَمْ يُكْتَبْ.. فِي الصُّفُوفِ!
أَنَا الحِكَايَةُ.. الَّتِي تَئِنُّ فِي المَـقّدُوفِ!
وَأَخِيراً أَقُولُ لِكُلِّ مَنْ يَحّكِي:
بأنَ التَّعْلِيمَ دَجَلْ وتَلغِيمٌ والتَدّرِيسَ تَدّليسْ؟
اعْذِرُونِي.. فإِنْا عَنّكُم قَدّ انْصَرَفْتُ!
فَلْيَفْعَلُوا بِي مَا يَشَاءُونَ؛ لَنّ أَعيّشَ الذُلْ!
سَأَبْقَى أُحَذِّرُ الأَجْيَالَ.. لآخرِ الْعُـمّرِ!
إنَ المُعَلِّمَ اليَومُ صَارَ كَبَـقَايَـا كَوخٍ محْتَرِقْ!
وأَنَّ العِـلْمَ.. إِذَا لَمْ يُـكْرَمْ صَـاحِبُـهُ؟
فَهُوَ سَـهْمٌ قَـاتلٌ ونَصّلٌ يَـطّـعَنُ الظَّهْرِ!